الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
الريكي


بسم الله الرحمن الرحيم
الرِّيكي كلمة يابانية مركَّبة من كلمتين "ري" وتعني الكون، وكلمة"كي" تعني الطاقة، فيكون معناها الطاقة الكونية .
فيقولون بأن جسم الإنسان فيه سبعة مراكز يسمَّى كلُّ مركز منها شَكْرة، ولكلِّ شَكْرة لونها الخاص وفقاً لاهتزازها، وتتصل هذه المراكز باثني عشر مساراً داخل الجسد، بحيث تصل الطاقة عبر هذه المسارات إلى أجزاء الجسم .
فالرِّيكي يعني تحريك هذه المواضع، بحيث يتم وضع اليد أو الأصبع على مواضع معيَّنة من الجسد عبر ثلاث تمارين ، بحيث يترتب على ذلك حصول توازنٍ في الطاقة الداخلية للجسم، ومن ثمَّ تصل الطاقة عبر المسارات إلى داخل الجسم .
فالريكي بهذا المعنى الذي ذكرته لك يُعدُّ علما صحيحا .
وأما ما يُسمَّى "الماكروبيوتك" فهو نظام غذائي نباتي يعتمد على التقليل من الدهون وتكثير الألياف، فهو غذاء يُراد به ما يسمُّونه موازنة الطاقة الحيوية، من أجل الارتقاء بالصحة، فهو بهذا المعنى أيضاً يُعدُّ علماً صحيحاً .
وأما البرمجة العصبية فإنها وسيلة تُعين الإنسان على تنمية ما أودعه الله فيه من صفات، والارتقاء بالمهارات، فموضوعه تدريب الإنسان على ملَكة الفهم بالاستفادة من علم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم، لتنمية ما آتاه الله من قدرات، لمعالجة ما قد يحصل من مشاكل اجتماعية أو غيرها .
وإذا كان الحكمُ على الشيء فرع تصوره، فإن الرِّيكي والبرمجة العصبية بهذا المعنى علمٌ صحيح مستنده الملاحظة والتجربة .
غير أنَّ بعض الناس يقولون بأن الرِّيكي يحوي أفكاراً مخالفة للشرع، وأنه خليط من علوم وفلسفات واعتقادات مخالفة للعقيدة الإسلامية، وهذه الدعوى إنْ صحَّتْ، فلا شكَّ في تحريمه، أما إذا كانت المعالجة لا تحوي مخالفةً اعتقادية، وكانت خالية من أي معنى من المعاني المحرَّمة شرعاً، فلا وَجْه للتَّحريم، فليس لنا أنْ نُحرَّم شيئاً من غير استنادٍ إلى ما يوجب التحريم، فالأصل في المعالجات الطبية الإباحة، وكلُّ علمٍ نافعٍ فهو شريف، ويَعظُم فَضْلُه بعظيم ثمرته، ولذلك نصَّ العلماء على أنَّ عِلم الطِّبِّ أشرفُ العلوم بعد علم الشَّرع، ونصَّ الإمام الشافعي رحمه الله على أنَّ فَضْلَ العلم لا يَنقُص بسبب فساد مَن يتعاطاه، فقال:(علمان شريفان، وَضَعَهُما ضعة متعاطيهما: الطبُّ والنُّجوم) فقد كان علماء الطب وعلماء الفلك قبل الإسلام يمزجون السحر والشعوذات بهذين العلمين، ولم يكن هذا المزْجُ سببا في تحريم العلماء لهم، وهذه مفخرةٌ من مفاخر علمائنا، أنهم يهتدون بالكتاب والسنة، فلم يَكُنْ لردود الأفعال أثرٌ على فتاواهم، وإنما كان رائدُهم في الفتوى كتابُ الله وسنَّة نبيِّه عليه الصلاة والسلام .
فاستناداً إلى هذا فإنه لا حرج في استعمال أي معالجةٍ، ما لم يكن فيها شيءٌ محرَّم، كما إذا كان المعالِجُ بالرِّيكي يُتمتم بكلمات مجهولة لا يُعرف معناها، فالكلام المجهول لا يُدْرَى أهو كلامُ حقٍّ أم باطل، ومن أجل هذا حذَّر العلماء من الرُّقية بالكلام الذي لا يُعرف معناه، لاحتمال اشتمالِه على كلامٍ محرَّم، قال العزُّ بن عبد السلام في الرُّقى المجهولة المعنى: ( إذا جُهِلَ معناها، فالظاهرُ أنه لا يجوز أن يُسترقى بها ولا يُرقى بها) بخلاف الرقية بالكلام المباح فلا بأس به، والأصل في ذلك حديثُ عوف بن مالك الأشجعى، قال: كنَّا نَرقى فى الجاهلية. فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى فى ذلك؟ فقال: (اعرضوا عليَّ رُقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك) قال القرطبي: ( فجازت الرقية من كلِّ الآفات، إذا كان الرقي بما يُفهم، ولم يكن فيه شركٌ ولا شيء ممنوع، وأفضلُ ذلك وأنفعه ما كان بأسماء الله تعالى وكلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ) وقال الحافظ ابن حجر:( دلَّ حديثُ عوفٍ أنه مهما كان مِن الرُّقى يؤدِّي إلى الشرك يُمنع، وما لا يُعقل معناه، لا يؤمَن أن يؤدِّي إلى الشرك، فيمتنع احتياطا)
والخلاصة أن التَّعالُج بالرِّيكي إنْ كان بوضع اليد أوالأصابع على مواضع من الجسد، أو غير ذلك من التدليك أو الضغط بالأصابع، وخلا مِن أي كلام باطل أو مجهول المعنى، فلا وَجْه لتحريمه، فحكمه كحكم العلاج بالتدليك وبالإبر وبالضغط بالأصابع، وأما إن اشتمل على أمرٍ محرَّم فإنه يصيرُ حراما بسبب وجود هذا الأمر المحرَّم، وكذلك الشأن بالنسبة للبرمجة العصبية، والله أعلم .
كتبه قيس بن محمد آل الشيخ مبارك .